الاختلاط

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. المشكلة بشيءٍ من الإيجاز هي: أنني وبفضل الله أعمل في مجال الدعوة، وبالتحديد في المرحلة الثانوية، وما أصعبها من مرحلة!، وهناك مشكلةٌ تُواجهني مع طالباتي، وهي الاختلاط؛ اختلاطهن ببعض الأولاد في "السكاشن" والدروس؛ مما جعلني أخشى عليهن من الانفلات والضياع، علمًا بأنهن في سن المراهقة، وفيهن الكثير من علامات الصلاح، وكثيرًا ما كنت أتحدث إليهن عن حب الله وشغل أوقات الفراغ، ولكن أحيانًا لا أجد لدى بعضهن أي تغيير، فكيف لي أن أواجه هذه المشكلة؟ وكيف لي بحلها؟ يجيب عن هذه الاستشارة الداعية/ أحمد صلاح: الأخت الكريمة.. أُقدِّر لك خوفك على فتياتك من مخاطر الاختلاط، كما أشكر لك اهتمامك برعاية من تقومين بمسئولية تربيتهن على طاعة الله.. وفَّقك الله ورزقك العلم والإخلاص. وحتمًا تعلمين أن الإسلام أباح الاختلاط بشروطٍ تضمن عدم تخطِّي الحدود بين الفتى والفتاة في التعامل بصورةٍ تفسد عليهما أخلاقهما ودينهما وتضع عقباتٍ في مسيرة العملية التربوية التي تقومين بها معهن؛ فالإسلام لم يمنع الاختلاط؛ لأنه ضرورةٌ من ضرورات الحياة؛ لا يمكن استمرار الحياة بدونها، سواءٌ في البيع والشراء، أو التعليم.. إلخ. ولا شك أن مخاطر الاختلاط تكون أكثر في سنٍّ مثل سن المراهقة، وفي مجتمعٍ اختلطت فيه المفاهيم، ويتعرَّض ليلَ نهارَ إلى قيمٍ غربيةٍ تُذيب الحواجز بين الفتى والفتاة، وتفتح الطريق على مصراعيه لسبل الإثارة، وتزيد أكثر مع قلة الوعي الديني وزيادة المشاكل الأسرية، وضعف الأسرة في احتواء أبنائها ذكورًا كانوا أو إناثًا. وليس من الحكمة أن نعزل الأبناء في "صوبة" مغلقة؛ فلا تتعامل الفتاة مع الفتى مطلقًا، ولا يتعامل الفتى مع الفتاة مطلقًا؛ فليس هذا من أسس التربية السليمة التي تعتمد على التوجيه السليم والمستمر ثم ترك من نُعنَى بتربيته في غمار الحياة ليمر بالتجربة؛ فيقوى عوده ويتزود بحصانة التعامل الصحيح. وعليه.. فإني أرى أن يكون دوركِ كمربيةٍ مع فتياتك في الحفاظ عليهن من مخاطر الاختلاط بالخطوات التالية: 1- توضيح رؤية الشرع في الاختلاط: وأن الإسلام أباحه ووضعه في منزلة الضرورة التي يجب أن نمارسها بضوابط تحمينا من الوقوع في أخطاء شرعية تضر ديننا ومجتمعنا وصحتنا النفسية، وتجلب علينا الكوارث الاجتماعية المعروفة. 2- توضيح الضوابط الشرعية للحديث بين الجنسين بدقة: والإسهاب في معرفة تفاصيل بعض المواقف بعينها، والتطرُّق حتى إلى أسلوب الكلام والموضوعات المطروحة- والتي لا بد أن تكون عامةً وضروريةً وخارجَ إطار الخصوصية- وتعبيرات الوجه وحدود التعبير عن المشاعر، وكل ما له علاقة بحمايةِ الحدود التي حدَّدها الإسلام في هذه العلاقة من تجاوزها. 3- رفع الزاد الإيماني والفكري لديه: ودفعهن إلى واجبات عملية دعوية تحقِّق ذواتهن وتنمي مواهبهن، وتُشعرهن بقدراتهن وذواتهن، والقيام برعايتهن نفسيًّا والاهتمام بمشاكلهن والاستماع إلى ما بداخلهن من خواطر وأحاسيس يجعلهن يلجأن في الشكوى والبوح بما لديهن إلى بنات جنسهن، بدلاً من الاحتياج إلى اللجوء إلى الجنس الآخر. 4- توضيح الطرق الشرعية للتعبير عن مشاعر الإعجاب والحب بين الطرفين (إذا حدثت): ومعالجة هذه الأمور بحكمةٍ بالغةٍ؛ تبدأ من الاستماع الجيد لها وعدم استهجان الأمر، والحديث فيها بعقل ورويةٍ، ثم إبداء الرأي الذي يحدده الإسلام من الناحية الشرعية في مثل هذه المسائل. إن أمر الاختلاط لن يكون مزعجًا إن شاء الله بالصورة المُخيفة إذا ما راعَينا التوجيه الصحيح والمستمر والرعاية النفسية للفتيات، واستثمار طاقاتهن في النافع المفيد، وأولاً وأخيرًا تنمية الزاد الإيماني، الذي يجعل الإنسان يضبط دوافعه ورغباته الخاطئة، ويردها إلى عقله ويضع فكرة التعامل مع الجنس الآخر في إطارها الضروري والشرعي المحكوم بضوابط لا مجال لتعديها إلا في حالة الخِطْبة أو الزواج.</a>http://www.ikhwanonline.com/Data/2006/6/24/thanawea3523564500001.jpg