منتديات العزيزية (البطام) المدية /الجزائر
تفضل بالدخول إلى منتداك ..سجل كعضو ..ساهم بمالديك من زاد..
خذ ماينفعك...

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات العزيزية (البطام) المدية /الجزائر
تفضل بالدخول إلى منتداك ..سجل كعضو ..ساهم بمالديك من زاد..
خذ ماينفعك...
منتديات العزيزية (البطام) المدية /الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إيزيس وأومو قصة الاستاذ:حمراوي الضيف

اذهب الى الأسفل

إيزيس وأومو قصة الاستاذ:حمراوي الضيف Empty إيزيس وأومو قصة الاستاذ:حمراوي الضيف

مُساهمة من طرف nadir2008 الأحد يونيو 19, 2011 2:42 am

بعد عمر طويل؛ وجهود مضنية ، وأحلام دفعتها أحلام فأبادتها ، تخرج أومو وإيزيس من الجامعة ، ولأن قطار الزمن لا يرحم كان لابد عليهما من الحصول على عمل مهما كان ، وبسرعة تتيح لهما تأسيس أسرتين صغيرتين تكونان امتدادين لهما في ما يأتي من كر هذا الزمن .
مقتنعين بأن الرزق قرين السعي؛ قاما باتصالات مع الجهات والمصالح والمصانع والإدارات المختلفة، ولاتصافهما بأخلاق رفيعة، وليونة في المعاملة ، وإشفاقا عليهما ، وبغية دفع أذى البطالة ، وذل المسغبة عنهما عيينا كناسين ، في كبرى مدن الوطن العزيز ، منصب لا يليق بهما في نظرهما ، ولكنه تكرم عليهما في نظر أولى الأمر ، ودائما تجد : في المسألة قولان.
رضي أومو وإيزيس بالحرفة الجديدة ،واكتسب كل منهما لقبا : أومو الزبال ، وإيزيس الزبال. وفي نهاية الشهر قبضا أجرة، تساوي أجرة زملائهما المعينين في مؤسسات أخرى، فارتاحا لذلك، لان الاختلاف بينهما وبين زملائهما لا يتجاوز المظهر، وهذا ليس له تأثير كبير. بل على العكس أحبا الحرفة وعرفا قيمتها ، خاصة أنهما كانا بعد الانتهاء من العمل ، وبعد استيقاظهما من النوم ، وتغيرهما لملابسهما يخرجان للنزهة في الشوارع التي كنساها ليلا ، ويستمتعان بالتجوال في وسط نظيف من صنعهما.
غير أن ما كان ينغص عليهما سعادتهما وهما يتجولان ، هو انتشار عصابات من المنحرفين في جماعات ، على أطراف الشاارع ، وأحيانا في وسطه أمام رجال الأمن أو في غيبتهم ، يتفوهون في أوجه المارة بألفاظ وعبارات عفنة ، بذيئة ساقطة أكثر نتانة من نتانة الزبالة المختمرة ، وأخطر على الصحة من الأوبئة المهلكة. وهم يتصرفون وكأنهم ملوك هذا الشارع، و كأن المارة غرباء عليهم أن يدفعوا من كرامتهم وأعراضهم ثمنا لحق العبور.
ومع مرور الوقت صار أومو لا يحتمل هذه المشاهد المخزية ، فقل خروجه نهارا إلى الشارع ، وصار مهموما كئيبا ، وأحس أن كل الجهد الذي يبذله ليلا يذهب هباء في النهار الموالي ، فيحرم الأطفال والصبايا من الفرح ويحرم الناس البسطاء من الإحساس بالأمان بدون سبب.
في أحد الأيام فاتح أومو صديقه الطيب إيزيس بأنه كان ينوي منذ مدة أن يقترح عليه توسيع مجال حرفتهما لتشمل كنس الفساد وسأله.
- ما رأيك يا صديقي إيزيس فيما تحدثه هذه العصابات المنتشرة كالخلايا السرطانية في زوايا الشارع؟.
- هذه العصابات من علامات التحضر، وهي دليل على إننا مجتمع له مشاكله، وله أولي أمر يسهرون على معالجتها. وقد يسهرون على إيجادها لمعالجتها فيما بعد.
هل تجد علاقة بين هذه المظاهر وحرفتنا؟ عمال النظافة؟. وهل هو واضح ومفهوم لديك أن ما نكنسه ليس هو الزبالة، ولكنه في أغلب الأحيان ناتج إفراز الزبالة؟.
- أرجوك، تحفظ في كلامك فأنت " موظف" لدى جهة رسمية و لا تقل كلاما كهذا لأنه لا يناسب لا مقامنا ولا مهامنا.
- كيف ألا ترى أن من صميم حرفتنا أن نطهر الشارع، وإلا فماذا يعني لديك مصطلح عمال النظافة.
- أفهم أن النظافة تعني الطهارة والكنس والمسح وإماطة الأذى عن الطريق.
- فماذا تفعل عندما تجد نجاسة يصعب كنسها بالمكنسة أو جرفها بالمجرفة.
- وضح ما تريد توضيحه بمثال.
- ألا ترى أن المارة لا تحيد دائما عن الزبالة ، بل لا تتردد في تخطيها أو الدوس فوقها إذا حتم عليها المسار ذلك ، بينما تنحرف مجبرة لتجنب أذى هذه العصابات التي اعتادت أن تعسكر هنا في عرض الشارع، وألفت التلفظ بما تأبى الزبالة سماعه ، مع تلحين ما تسيل به ألسنتها وتمطيطه وتدويره ، مستبيحة أعراض الناس وأعرافهم.
- معك حق يا أومو ولكن ليس من صميم حرفتنا أن نتدخل في حرف غيرنا ، ونحن لسنا مسئولين عن فرض القانون وفرض احترام الآداب العامة على الناس.
- يا إيزيس الطيب، القضية ليست قضية آداب عامة، ولكنها قضية أذى،ووظيفتنا هي إماطة الأذى عن الطريق.
يا أومو العزيز ، أرى أنك تبالغ وتخلط الأمور ، وستزج بنا في متاهات نحن في غنى عنها ، تريد محاربة الأذى ، والأذى عنصر من العناصر التي يقوم عليها الكون ، وهو موجود في كل مكان وزمان، الأذى قرين الفساد ، والفساد عندنا يعشق… وصار مكرمة لها حماة ورعاة ، تزهق في سبيلها الأرواح النظيفة والطاهرة فاحذر ، يا أومو المسكين، وتذكر أننا في حرفة النظافة مازلنا مبتدئين.
- أنا أهدر ، ولعل في هديري سورة من غضب ، ولكن العفن إذا ازداد وانتشر ، قطع الأوصال ، وزرع الخيبة ، وكان حاضنة للأوبئة ، وهذا يهمنا معا ولا يجب أن تستهين بما أقول من فضلك.
- صرخ إيزيس بأعلى صوته :يا إلهي دع صاحبي يفهم أن حرفتنا تطلب منا كنس الزبالة ، لا كنس الفساد.
- صرخ أوموا بأعلى صوته من جهته وقد أدخل وجهه في وجه زميله : يا إلهي وإله إيزيس ، دع صاحبي يفهم أن كنس الزبالة مع ترك الفساد مهلكة للجماد ،و مهلكة للعباد.
خفف إيزيس من نبرته ليمتص غضب صديقه : وقال يا عزيزي أومو ، اِهدأ اِهدأ وفكر معي ، ألا ترى أننا مسحوقان تكفي حركة بسيطة من أي فاسد لتنثرنا فتحملنا الريح بعيدا.
ثم عليك أن تعرف أنه إذا كانت الزبالة ربع الدنيا أو ثلثها فإن الفساد نصفها أو معظمها ، وعليك أن تعلم أيضا ، أن الزبالة من أسباب ضعفها انفصالها عن مصدرها ، بينما الفساد هو الفاسد : الذات والهوية معا.
أنت ترى أني بدأت أتفلسف ، وهذا كما تعلم من حقي كما هو من حقك ، فنحن تخرجنا من الجامعة ، ولم نجد مصنعا أو مخبرا أو معهدا يحضننا ، بينما كانت الزبالة هي المصنع والمختبر والمعهد الحاضن فنحن نكسب من جمعها رزقنا ، يزعم أنها مؤذية في حين أنها بالنسبة ألينا خير وبركة ، مصدر العيش ، وهي تتكاثر بالقدر الذي يمد أملنا ويجعل استمرارنا في العمل ممكنا ، بل ويضمن لنا المستقبل.
- لكن يا إيزيس الطيب، باستمرارك في هذا الحديث، إذا أقنعتني فسنضع للزبالة حدا أيها الأبله الطيب ونقضي على مستقبلنا بأيدينا.
- كيف؟
- بقاء هذه العصابات الفاسدة تدفع الناس والمارة بعيدا عن الشارع ، يعني نقص في المرميات ، ويعني منع الناس من إخراج زبالتهم باكرا نتيجة للخوف ، ويعني بعثرتها فالفاسدون وهم يترافسون ويتناهقون أخطر على الزبالة من الكلاب الشاردة ،وهذا يجعل عملنا شاقا ، إذ بعد مرورنا تظهر زبالة جديدة مبعثرة ولا نستطيع العودة لكنسها فنتركها إلى الليلة الموالية ، وبذلك يجتمع الفساد والزبالة في نهار المواطنين ،ونكون نحن المسئولين ، وقد يصل ذلك إلى علم أولي الأمر فنطرد بسبب ذلك من عملنا.
- لكن العيب في هذه الحالة ينسب لسكان الحي، الخانعين الخاضعين، الذي لا يدافعون عن حقوقهم، فلم لا يشتكون هذه العصابات.
- يا إيزيس الطيب الحنون، لمن يشتكي أهل الحي، هل تعتقد أن هذا خاف عن أولي الأمر.
أولي الأمر أعلم من المواطنين بما يجري في الشارع ، وأعلم منك بنفسك ومني بنفسي ، فهم يعرفون فيم يفكر المواطن ، وماذا يشتهي ، وماذا لا يشتهي ، وعلى أي جنب ينام وبماذا يحلم ، وماذا وكم يأكل في الوجبة ، وكم سيفرز من الزبالة ، وإلى كم فاسد يحتاج ليصاب بداء الخنوع التام ، والخضوع السام ، بحيث لا يموت ولا يحيا وتأسيسا على ذلك يخططون وعلى ضوئه يسيرون البلد ، وعليه تم توظيفنا. وعلى كل حال ألا ترى أننا أطلنا الحديث، ودخلنا فيما لا يعنينا وتأخرنا في العمل دون أن نصل إلى حل؟
- وهل لديك حل أيها العزيز أومو؟
- نعم
- ما هو؟
- الحل أن ننظف الشارع من الزبالة والعصابة الفاسدة.
- كيف وبأي وسيلة؟ هل تتصور يا أومو أنك سيل جارف ، والشارع وادي ، والفاسدين جذوع نخرة خاوية.
- نعم يا إيزيس الخير الطيب أنا ذاك، وهم كذلك.وقد أعددت للأمر عدته، فمعي زجاجة بها مخدر يرش في وجه الشخص فيفقده وعيه ، تعال نقترب من المجموعة وسأدخل معهم في اشتباك ، فإذا تمكنت من تخديرهم حملناهم مع الزبالة إلى المزبلة وبذلك سيقضي الناس أيامهم الباقية في جو ملؤه الطهر والنظافة والنقاء ، ويتوافد فيه الزوار على الشارع من كل حدب وصوب مستمتعين آمنين.
- ما أشد عنادك يا أومو، ما نحن إلا مسحوقين ، نمتهن تطهير الزبالة ، والأوساخ ، ولم يكتب في جباهنا تطهير الفساد .
- تعال ولا تجبن تعال، سيسر الناس، و يشتهر أمرنا، وقد نثاب، من جهتين، من رب العباد ومن العباد.
وما هي إلا دقائق، حتى وضعت أكياس الانحلال و الفساد، مع أكياس الزبالة وطمر الجميع في المزبلة.
واستفاق الشارع الممتد نظيفا نقيا ، فجرى فيه الأطفال عصافير مغردة ، وتراقصت الصبايا ورودا وأزهارا بديعة، وتهادت النسوة منتشيات ، وتبختر الرجال بعزة ، وغنى الباعة طالبين الأرزاق من رب الأرزاق.
حتى جن الليل ، فنام الشارع .
وفي بدايته وقفت سيارة الشرطة في انتظار أومو وإيزيس ، وقبل أن يهما بمباشرة الكنس ، ودون أي حديث، كبلت أيديهما بعنف ، ودفع بهما إلى قفص مسيج ، وشحنا إلى السجن ، وفي اليوم الموالي قدما أمام قاضي التحقيق ، فاعترفا بالجرم المنسوب إليهما ،ولأن أفراد العصابة أنقذوا وهم على قيد الحياة بل منهم من استعاد منصبه في قلب الشارع ، أفرج عن أومو وإيزيس إفراجا مؤقتا في انتظار جلسة المحاكمة.
لم يبق أمام أومو وإيزيس إلا محاولة النجاة بجلديهما ، فجمعا ما كانا قد ادخراه من أجرة جمع الزبالة، ودفعا ثمن "حرقة" نحو المجهول ، واختفيا إلى الأبد ، ويروى البحارة صدقا أو رجما بالغيب فيما يروون أن روحيهما كثيرا ما تتعانقان على شاطئ البحر في المكان الذي أبحرا منه زبدا أبيضا تلوم فيه روح ايزيس الطاهرة روح أومو العزيز ، على عناده الذي حولهما من مسحوق إلى رغوة ،ولكنها نظيفة تسر الناظرين في هدير أقرب إلى الأنين ينسج تسابيح الحنين إلى الوطن الحزين.

nadir2008
nadir2008
المدير العام
المدير العام

ذكر عدد الرسائل : 149
العمر : 56
العمل/الترفيه : أستاذ التعليم الابتدائي
تاريخ التسجيل : 29/11/2008

https://nadir2008.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى